الأحد، 1 فبراير 2009

الفساد في محافظة كربلاء

كربلاء تُخدَش قدسيتها...(الخبير) نوري لطيّف نموذجاً

كتابات - أحمد توفيق

لم أعهد نفسي التلذذ بالتشنيع (بالنون أو اللام) بفلان أو علاّن، ولست مهتماً كثيراً بالعورات التي ستنكشف عندما تهب عليها نسمات ما أكتب وأنشر هنا وهناك.
غير أننا إذا كنا قد إستسغنا فكرة أن قدسية كربلاء كانت عرضة للخطر، على مدى السنين الطويلة الماضية، فإن من المفترض أن نستغرب عندما يأتي مَنْ يزعم أنه من أبنائها، ليشارك في عملية الخدش، بوعي أو بدونه.
وبناء على هذا، وإستلهاماً من حِكَم القائد الملهم فإن(كل الكربلائيين الفاسدين أمويون وإن لم ينتموا) !!

ومن المساهمين الحقيقيين في جعل محافظة كربلاء المقدسة في المرتبة الأولى بالفساد الإداري يأتي إسم (نوري لطيّف) في مقدمة اللائحة الكربلائية المشرفة.
المهندس أو رئيس المهندسين نوري لطيّف، هو الذي يتلذذ بكلمة (سيّد) أو مولاي التي يناديه بها حاشيته في (البراني) بمديرية الري الغارقة بالفساد، والتي تنتظر أحد مبازل النزاهة النائمة حزبياً، كي ينقذ عباد الله من بركات السيد المقدس!!
فالسيد الجليل -إحنه إبّختْ جده- ومنذ سنوات يستنقذ أموال الشيعة من خزائن الدولة الكافرة، ليدفنها في (حي الموظفين).. بحجة أنها أموال الإمام المنتظر ؟!.. وحسب الصلاحيات الممنوحة للسيد المقدس، فله الحق الشرعي لإستثمار جزء منها في فنادق ومطاعم وشركات كربلائية وغيرها.. دعما للإقتصاد الإسلاموي.

(نوري بن محمد علي آل لطيّف) جاهد وإجتهد وقاتل في سبيل الحصول على لقب (خبير).. وهو حسب ما أعرف يستحقها.. لأنه بالفعل خبير.. ولاتحرجونا بالسؤال ( خبير في ماذا ؟) !!
هو مثل غيره علّق خلفه، في مكتبه الذي يوازي مساحته ما يساوي بيتاً يحلم به شاب كربلائي، لوحة مذهّبة تقول: ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).. لكن ليس من الصعوبة أن تشاهد لوحة أخرى مُسَمَّرةً في حدقات السيد المقدس وهي تصرخ : ( ما أسلمها إلاّ تراب ) !!! مَثَله كمثل بقية الهررة القابعة على كراسي الحكم في دوائركربلاء.
وأخشى أن أسرد للأخوة والأخوات ماضي السيد، فيعتقدون أنه بالفعل كان من المناوئين والمتضررين والمسجونين والمهجرين والمستشهدين ووو...، أبان حكم النظام السابق.
فالكثير دفع ثمناً غالياً لتوهمه بأن كل مغضوب عليه في زمن النظام السابق يصلح لقيادة المرحلة التالية. والحال يكشف أي سذاجة إكتنفت هذه الفكرة المتخلفة. وأصبحنا اليوم نسمع نداءات الإستغاثة من أهالي المدينة لعودة رموز من الحقبة السابقة ليديروا دفة الحكم، بدل الزمر الفاسدة الحالية، كالتعاطف مع الدوري السجين أو التأييد للحبوبي المسكين.
والمقدس أصبح خبيراً ليس ليلطش مخصصات خبرته، فراتبه منتفخ للدرجة التي لم تعد تنفع معه كل منتوجات سفن آب!!، لكنه ضحى براحته من أجل سعادته أبناء المدينة الفاضلة، فعين إبنه (السنفور المقدس) وأبناء الأقارب والنسايب وباقي الطلايب في المديرية وفروعها شرقاً وغرباً، قربة لوجه الله تعالى!!
والجانب الأكثر إشراقاً في خبرته هو إختزاله لميزانيات المشاريع، وتحويلها من مليارات الى ملايين ؟!
فالسيد المقدس يعلم جيداً، كما أعلم، الأجر والثواب الذي إستحصله من شفط الملايين لمشروع إستصلاح منطقة (بني حسن) !!! وهو يتذكر(الإختزال) المبارك من الستة مليارات وثمنمائة وسبع وتسعون مليوناً ومئة وخمسة عشرة ألف دينار ؟! التي طبل لها إعلامياً. - لاحظوا الدقة ... ومئة وخمسة عشرة ألف دينار ..!!! يعني بالدينار والفلس ويجوز العانه همّات ؟! -
وهذا المشروع مثال فقط لعشرات المشاريع التي أنجزتها خبرة السيد وإلهامه للمهندسين والفنيين من حوله. إبتداء بمشروع مضخات الرزازة العملاقة وإنتهاء بمشروع إزالة زهرة النيل أو شمبلانيات آل لطيّف، والذي سجل رقماً قياسياً في عدد العمال الوهميين المسجلين في هذا الكرنفال الشمبلاني ذو الـ 150 مليون دينار ، وكان باكورة إنجازات السيد الإختزالية؟!..
مروراً بمشروع استصلاح ري الحسينية ( 12.5 مليار دينار) ومشروع تبطين جدول الدويهية (830110 ) دولاراً فقط.. وغيرها من مشاريع كلفت خزينة الشعب المليارات، مثلما إستفذت أموال الدول المتبرعة بالين الياباني والدولار الأمريكي.

والأكثر إثارة هو الزئبقية العجيبة التي تمكن بها السيد المقدس الإفلات من كل التقارير والملاحظات والصور والمعلومات والأرقام المقدمة ضده.. في مجلس المحافظة أو النزاهة أو حتى الوزارة ؟!
بالطبع السر لايعود لأن المجلس أوالنزاهة مجرد (ديكور) ولا لأن وزارة الري علاها الصدأ فقط ، بل لأن السيد المقدس من محترفي الولائم والعزائم كما الغنائم.. وهو يعرف كيف يقتنص المسؤولين الذين يتقاطعون مع فتوحات آل لطيّف لخزائن الأرض!!
تمنيت لو لم يكن أخي الزاملي من هواة الديناصورات، وأن يسمع كلامي بتحديث موقعه، وهذا كان سيساعدني في تضمين هذا المقال صورة للسيد المقدس، ليتبرك بها الأخوة والأخوات.. فالنظر للعالم عبادة.. فما بالك لو كان (خبيراً) ؟!
وكل الذين سيرون وجهه البريء سيشتعرون بقشعريرة تستشري لا إرادياً في أبدانهم!! فهذا الوجه ليس عادياً، ومسحة الإيمان تجعلك تدخل في غيبوبة عميقة، كتلك التي نحن فيها منذ نيسان 2003.
ويكاد الضوء المنبعث من البقعة السوداء المرتسمة على جبين السيد المقدس تصدح عالياً: ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) .. وأرجو أن لاينبز أحدكم ويسأل: السجود لمن؟ فهذه قضية أكثر إحراجاً من الأولى؟!

السيد المقدس عاش وعاشر وتمتّع بالحكومات المحلية المتتابعة، منذ العهد البريمري ولغاية العصر الخزعلي. ولعب لعبة القط والفأر مع مسؤولي النزاهة وتلسكوبات الصحافة والإعلام وسواهم، وخرج منها سالماً مسلحاً!!
سالماً من عيون الحاسدين والطامعين والشامتين...
ومسلحاً بالعقارات والسيارات والملايين المدفونة في هذا المشروع أو ذاك. هذا غير الملايين التي دعم بها إقتصاد دولة الإمارت الفقيرة؟!
وبالطبع خرج مسلحاً بخبرة وفن التشبث بالكرسي، إستحصلها من عبثية وهمجية وغباء الحكومة المحلية، الأفسد في تأريخ العراق الحديث والقديم والزمخشري واليعقوبي والمسعودي ووو...
فلم تمر مدينة كربلاء منذ تأسيس الدولة العراقية، بأسوء من هذه الحكومة الهجينة من أطياف حزبية ودينية متنافرة منذ الولادة.
وخيوط الفساد الإداري غالبا ما تنتهي الى الهررة السمان القابعة خلف القاط والرباط والشوارب المنفوشة، في مكاتب المدراء العامين ونحوهم ممن وجدوا صدفة فرصة العمر للشبع والتخمة بالمال والجاه.. والحريم أيضاً ..

ومن دون أغلب المحافظات العراقية، فإننا في كربلاء (نبلع ونسكت) !! رافعين شعار (الشكوى لغير الله مذلة). فأين ما تولي وجهك فثمة مخبراً أو جاسوساً أو عميلاً لمن تريد رفع الشكوى عليه !!. ولو قُدر لك أن تصل لبلاط السيد المحافظ -دام شعره اللامع- فإنك ستخرج حاسداً الحمار، كونه الأذكى منك ؟!
فحبيب القائد العام للقوات المسلحة يعيش منذ توريطه (دعوچيا) بهذا المنصب، حالة من (التداخل الروحى المتمعن في اللاوعي الناضج ضمن المرحلة المتقوقعة الساعية للمنجز الذهني المتبلور عبر تداعيات الماضي المستقبلي للعبور نحو الضفة الأخرى....) وهو يجدّ ويجتهد في الإبحار ببطون المعاجم لإصطياد غريب مفردات اللغة العربية، يلقيها على مسامع المساكين المنتظرين شهرياً مفردات البطاقة التموينية ..
وما دام القط غائباً فالفئران تصول وتجول في دوائرنا الحكومية. والمواطنون أدمنوا الطوابير الطويلة، مثلما هي الحال مع الرشاوى والواسطات. وصارت أيام دوائرنا في فترة النظام السابق (ذهبية) عند الكثير. فعلى الأقل كان هناك (كذا إبن كذا) تستطيع التشاكي عنده.
أمّا الآن، فمعظم المسؤولين متكئين على مرجعيات سياسية أو دينية. وكِلا الطريقين يؤديان النار.. في الدنيا والآخرة؟!

هكذا.. وفي ظل هذا الظرف السعيد، يعيش الخبير نوري لطّيف رغم أنوف الأعداء والمتآمرين، مضحياً بكل شيء من أجل إزدهار وإفتخار وإنتصار وجُلنار ... مدينة كربلاء !!
وحسب (موضة) روزخونية صحن الحسين هذه الأيام، فقد ذكر الخبير المقدس بأنه حلم أن شخصاً نورانياً طاف عليه وأخبره أنه سيستشهد بعبوة لاصقة ستوضع في شاصي سيارة الدبل قمارة الحكومية التي يستخدمها لأغراضه الشخصية.. وأن هذا الأربعين سيكون الأخير له..
فإستيقظ مقدسنا نائحاً لاطماً صارخاً: ( ومَنْ للرعية بعدي ؟)
مصدر مقرب -بالتأكيد رفض الكشف عن إسمه- قال أن السيد أكد أنه سيدفع ثمن نزاهته وإستقامته طيلة الفترة الماضية.
ولم يذكر المصدر المقرب عمّا إذا كان السيد قد كتب وصيته أم لا، ولمن ستعود أملاك آل لطيّف من بعده؟
ولو حصل هذا، فإن الإسلام سيثلم ثلمة لن تعوض، وستفقد مدينة كربلاء - كالمعتاد- إبناً بارّاً مخلصاً لها ولأهلها، قضى حياته في الجهاد والنضال الكفاح ضد الظلم والإستبداد...

فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث (خبيراًَ)

ليست هناك تعليقات: